عزيزى ا........ الاسطى بلية

عزيزي ..الأسطى بلية ... وداعا !

أن المتابع الجيد لتطور عالم تكنولوجيا السيارات في الفترة الأخيرة لا يستطيع أن يلاحق التقدم المذهل والرهيب ، والذي يتقدم بخطى سريعة جدا، وربما لا يلاحقها المتخصص أيضا في هذا المجال من تقدم تكنولوجيا السيارات العالمية .

فعلى سبيل المثال كنا ونحن طلبة في بداية عهدنا بعالم السيارات كنا نسمع عن الأسطى الميكانيكي (بلية) الماهر الذي كان مجرد أن يسمع صوت المحرك يقرر السبب والعلاج في الحال، وكنا نسمع أن أحدهما يمكنه وضع قطعة خشبية، أو معدنية ما بين أذنه وبين المحرك ليحدد الصوت داخل المحرك ويقرر العلاج في الحال ..

كما كنا نشاهد الكهربائي الذي يفك كابلات البطارية أثناء دوران محرك السيارة ليقرر العيب هل هو من الدينامو؟ أو من البطارية؟ ولا من الكتاوت؟ ..الخ

أمور عجيبة فعلا ! تدل على مهارة الفني الميكانيكي، أو الكهربائي، وتدل على الخبرة الفنية والعملية الكبيرة لديهم ... فكنا ونحن طلبة نندهش من هؤلاء ونحسدهم على ما هم فيه ونقول: " يا بختك يا أسطى بلية " .

والآن مع تطور العلوم البحثية، وتطور الإليكترونيات فقد تدخل علم الإليكترونيات في السيارات بشكل مباشر وبقوة رهيبة، أصبح هناك ما يسمى بالحقن الإليكتروني للوقود، ومشتملاته من حساسات، ومشغلات إليكترونية تتبع وحدة تحكم إليكترونية تقوم بتنظيم العمل بينهم جميعا، وأصبح لكل مجموعة عمل بالسيارة وحدة إليكترونية خاصة بها فمثلا : صندوق التروس الأتوماتيكي أصبح له حساسات إليكترونية، ومشغلات خاصة به، ولذلك فله وحدة تحكم إليكترونية خاصة به تنظم عمله، والمحرك كذلك، ومجموعة الأنوار، والمبينات في السيارة كذلك، وأيضا مجموعة تشغيل الغرز في السيارات ثنائية المحاور (4(4x، حتى مفتاح الكونتاكت بالسيارة له وحدة إليكترونية خاصة به تنظم عمله الخ ..

مع كل ذلك كان من الطبيعي أن يكون مهندسي السيارات والفنيين عندهم فهم لكيفية تشغيل المكونات الإليكترونية، وطبيعة عملهم، وكيفية تناسق العمل بينهم وبين وحدة التحكم الإليكترونية، بما في ذلك الدائرة الإليكترونية، والكهربائية للسيارة ككل بجميع محتوياتها .

فعلى سبيل المثال كنا زمان عندما نطَّلع على كتالوج الإصلاح لأي سيارة كان يكتفي في أخر صفحة في الكتالوج بمخطط يبين الدائرة الكهربائية لمكونات السيارة الكهربائية.

أما الآن مع أي سيارة كما هو موجود كتالوج لإصلاح السيارة يوجد أيضا كتالوج خاص للدائرة الكهربائية والإليكترونية للسيارة يحتوي على أكثر من (500 صفحة) لوحده، فأين أنت من هذا الكم الهائل من الدوائر الإليكترونية والكهربائية للسيارة!

هذا نهيك على سرعة الوصول للعيب أو المشكلة بسرعة رهيبة جدا عن طريق وجود الكمبيوتر المحمول والمتخصص ( اللاب توب) الذي يمكن توصيله بالسيارة في حالة وجود خلل بها فيعرض سبب الخلل، ويعطي لك احتمالات الإصلاح خطو بخطوة من خلال منظومة متكاملة من لتشخيص حالة السيارة، وتشخيص الأعطال ، وليس هذا فحسب بل بإمكانه أيضا أن يعطي لك مكان وجود الجزء التالف، وكيفية الوصول إليه بفك بعض الأجزاء خطوة بخطوة ..

بل الأخطر من ذلك إنك في بعد سيارات الحقن الإليكتروني لوقود الديزل لا يمكنك تغير الرشاشات بنفسك كما كان متبع قبل ذلك، ولكن الآن إذا أردت تغير الرشاشات فلا يمكنك ذلك إلا عن طريق جهاز الكمبيوتر المحمول ( اللاب توب) لتحديد الرقم المطبوع على الرشاش وإدخاله للكمبيوتر لتحديد مكان وجوده في أي أسطوانة من أسطوانات المحرك ليتعرف عليه كمبيوتر المحرك أو(وحدة التحكم الإليكترونية للمحرك).

كما أصبح الآن عند فقد مفتاح السيارة فلن تستطيع عمل نسخة مفاتيح خارج مركز الخدمة المعتمد مثلما كان يحدث زمان، كان يذهب أحدنا للمحل الخاص لعمل المفاتيح ليعمل نسخة مفتاح على النسخة التي معه، أو يتم فك كالون الأبواب ليعمل نسخة على كالون الأبواب عند عدم وجود مفتاح أصلا. أما الآن لا يمكنك فعل ذلك لأن المفتاح به وحدة تحكم إليكترونية داخله لابد من أن تتعرف على وحدة التحكم الإليكترونية الموجودة في الكونتاكت، ولن يتم ذلك إلا عنى طريق جهاز الكمبيوتر المحمول ( اللاب توب) وعن طريق رقم سري جدا.

ما هذا العالم الرهيب في تكنولوجيا السيارات .. وإلى أين يأخذنا .. لا أحد يعلم إلا الله سبحانه وتعالى !

ومن هنا نستطيع أن نشفق وبشدة على الأسطى بلية (الميكانيكي) ونقول له شكرا على ما قدمت لنا من خبرات في زمانك الذي أنتهي بعصر التكنولوجيا، أما الآن فوداعا فليس لك مجال بيننا في عالم السيارات الحديثة ..